سورة النحل - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


قوله تعالى: {الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسِهِم} قال عكرمة: هؤلاء قوم كانوا بمكة أقرُّوا بالإِسلام ولم يُهاجروا، فأخرجهم المشركون كرهاً إِلى بدر، فقتل بعضهم. وقد شرحنا هذا في سورة [النساء: 97].
قوله تعالى: {فأَلْقَوُا السَّلَمَ} قال ابن قتيبة: انقادوا واستسلموا، والسَّلَم: الاستسلام. قال المفسرون: وهذا عندالموت يتبرؤون من الشرك، وهو قولهم: {ماكُنَّا نعمل من سوءٍ} وهو الشرك، فتردُّ عليهم الملائكة فتقول: {بلى}. وقيل: هذا ردُّ خزنة جهنم عليهم {بلى إِن الله عليم بما كنتم تعملون} من الشرك والتكذيب. ثم يقال لهم: ادخلوا أبواب جهنم، وقد سبق تفسير ألفاظ الآية [النساء 97] و[الحجر 44].


قوله تعالى: {وقيل للذين اتَّقَوا ماذا أنزل ربكم} روى أبو صالح عن ابن عباس أنّ مشركي قريش بعثوا ستة عشر رجلاً إِلى عِقاب مكة أيام الحج على طريق الناس، ففرَّقوهم على كل عَقَبَةٍ أربعة رجال، ليصدُّوا الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالوا لهم: مَنْ أتاكم من الناس يسألُكم عن محمد فلْيقُلْ بعضُكم: شاعِرٌ، وبَعْضُكم: كاهِنٌ، وبَعْضُكم: مجنون، وألاَّ ترَوْه ولا يراكم خَيْرٌ لكم، فإذا انتَهوا إِلينا، صدَّقانكم، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إِلى كل أربعة منهم أربعةً من المسلمين، فيهم عبد الله بن مسعود، فأُمِرُوا أن يكذِّبوهم، فكان الناس إِذا مرُّوا على المشركين، فقالوا ما قالوا، ردّ عليهم المسلمون، وقالوا: كذبوا، بل يدعو إِلى الحق، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إِلى الخير، فيقولون: وما هذا الخير الذي يدعوا إِليه؟ فيقولون: {للذين أُحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ}.
قوله تعالى: {قالوا خيراً} أي: أنزل خيراً، ثم فسر ذلك الخير فقال: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا} قالوا: لا إِله إِلا الله، وأحسنوا العمل {حسنةً} أي: كرامة من الله تعالى في الآخرة، وهي الجنة، وقيل: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} في الدنيا وهي مارزقهم من خيرها وطاعته فيها، {ولدار الآخرة} يعني: الجنة {خير} من الدنيا.
وفي قوله تعالى: {ولنعم دار المتقين} قولان:
أحدهما: أنها الجنة، قاله الجمهور. قال ابن الأنباري: في الكلام محذوف، تقديره: ولنعم دار المتقين الآخرةُ، غير أنه لما ذُكرت أولاً، عرف معناها آخراً، ويجوز أن يكون المعنى: ولنعم دار المتقين جناتُ عَدْنٍ.
والثاني: أنها الدنيا. قال الحسن: ولنعم دار المتقين الدنيا، لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة.
قوله تعالى: {جنات عَدْنٍ} قد شرحناه في [براءة: 72].
قوله تعالى: {الذين تتوفاهم الملائكة} وقرأ حمزة {يتوفاهم} بياء مع الإِمالة. وفي معنى {طَيِّبينَ} خمسة أقوال:
أحدها: مؤمنين. والثاني: طاهرين من الشرك. والثالث: زاكية أفعالهم وأقوالهم. والرابع: طيبةٌ وفاتُهم، سَهْلٌ خروجُ أرواحهم. والخامسة: طيبة أنفسهم بالموت، ثقة بالثواب.
قوله تعالى: {يقولون} يعني الملائكة {سلام عليكم}.
وفي أي وقت يكون هذا السلام؟ فيه قولان:
أحدهما: عند الموت. قال البراء بن عازب: يسلِّم عليه ملك الموت إِذا دخل عليه. وقال القرظي: ويقول له: الله عز وجل يقرأ عليك السلام، ويبشره بالجنة.
والثاني: عند دخول الجنة. قال مقاتل: هذا قول خزنة الجنة لهم في الآخرة يقولون: سلام عليكم.


قوله تعالى: {هل ينظرون إِلاَّ أن تأتيهم الملائكة} وقرأ حمزة، والكسائي {يأتيهم} بالياء، وهذا تهديد للمشركين، وقد شرحناه في [البقرة: 210] وآخر [الأنعام: 158].
وفي قوله تعالى: {أو يأتيَ أمر ربك} قولان:
أحدهما: أمر الله فيهم، قاله ابن عباس. والثاني: العذاب في الدنيا، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {كذلك فعل الذين من قبلهم} يريد: كفار الأمم الماضية، كذَّبوا كما كذَّب هؤلاء. {وما ظلمهم الله} بإهلاكهم {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}، بالشرك {فأصابهم سيئات ما عملوا} أي: جزاؤها، قال ابن عباس: جزاء ما عملوا من الشرك، {وحاق بهم} قد بيناه في [الأنعام: 10]، والمعنى: أحاط بهم {ما كانوا به يستهزؤن} من العذاب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8